









كتب : حسين الرواشدة
المصدر : جريدة الدستور
فيما انطلقت ماكينة الحكومة استعدادا لاجراء الانتخابات البرلمانية ، بدأت - ايضا - في المركز الوطني لحقوق الانسان الاستعدادات "لرصد" هذه العملية ومراقبتها ، ومن حسن الحظ انني استمعت في يومين متتالين الى الطرفين: وزير التنمية السياسية الذي شرح في ندوة اقامتها العزيزة "الدستور" حول موقف الحكومة واستعداداتها لاجراء هذه الانتخابات. والمفوض العام لمركز حقوق الانسان الذي شرح ايضا امام عدد من الزملاء الكتاب الصحفيين خطة المركز لرصد هذه الانتخابات ومراقبتها ، باعتباره حقا ضمنه القانون للمركز. وباعتباره ايضا هدفا لضمان ما يلزم من نزاهة وحرية للمواطن الاردني في الانتخابات والترشيح على حد سواء.
كلام الوزير نشرته الدستور الخميس الماضي وهو يعبر عن رؤية الحكومة لقانون الانتخاب وانظمته الاخرى وعن ارادة رسمية حقيقية في انتاج انتخابات نزيهة وشفافة ، وعن رغبته ايضا في تشجيع الناخبين على تسجيل اسمائهم لممارسة التصويت.. الخ ، اما كلام المسؤول في المركز الوطني لحقوق الانسان فيركز على دور المركز في ممارسة حقه في المراقبة ويطمئننا بالتالي على الخطة التي اعدها لاداء هذه الوظيفة بمنتهى الوعي والحرص والمهنية والدقة ، تكريسا للنموذج الذي قدمه في الانتخابات السابقة وهو نموذج ما زلنا نتذكره ونحتفي به ايضا.
لا اريد ان اخوض في التفاصيل - وهي كثيرة - ولكنني اشير فقط الى مسألة هامة تتعلق بدور المركز الوطني لحقوق الانسان في تعزيز ثقة الناس بالعملية الانتخابية ، من خلال تمكينه من ممارسة حقه في رصدها ، والمشاركة فيما يمكن ان يساعدنا على تجاوز ما قد يحدث من اخطاء هنا وهناك ، بمنطق الانصاف لملاحظاته والاخذ باقتراحاته ، واعتباره "حكما اخلاقيا" ، وطرفا اصيلا في المعادلة ، وباعتبار حضوره الفاعل ضمانة اساسية لاقناع الناس بالمشاركة ، ونزع ما يراودهم من هواجس ، واعطاء ما يلزم من شهادة حول سلامة الاجراءات ونزاهة الممارسات.
باعتراف المفوض العام للمركز ، الاستاذ محي الدين توق ، فان استجابة الحكومة للاشارات الاولى التي اطلقها المركز حول بعض الاخطاء في التسجيل كانت مشجعة جدا ، وان المركز يتمنى ان تستمر الحكومة في هذا الاتجاه خاصة فيما يتعلق بموضوع الرصد (الحكومة تستخدم مصطلح الملاحظة والمشاهدة) والدخول الحر الى مراكز الاقتراع وقاعات الفرز ومتابعة اداء المرشحين وعلى صعيد تنقيح جداول الناخبين ، وهو ما نرجوه ايضا باعتبار ان المركز قد حظي بثقة الناس ، واستطاع ان يشكل تحالفا من اكثر من (35) مؤسسة وطنية لرصد هذه العملية في مراحلها المختلفة ، ابتداء من تسجيل الناخبين الى رصد اداء المرشحين الى مراقبة الاقتراع والفرز الى متابعة مرحلة الاعتراضات والطعون والتعامل الاعلامي ايضا.
المركز ، كما فهمنا ، مصرّ على ممارسة حقه في الرقابة وافترض ان الحكومة ترحب بهذا الدور ، وهو مصرّ ايضا على تقديمه تقريرا كاملا في بداية العام القادم حول ما جرى ، سيصدر هذه المرة باسم مجلس الامناء باعتبارهم محصنين من المساءلة ، وهو اصرار نراهن عليه وندعو اليه ونتمنى ان يجد هذا الجهد الذي يقوم به "منا جميعا" ، ما يستحقه من دعم واحترام ومن ثقة ايضا
امتحان الانتخابات القادمة يبدو صعبا ، ونتمنى ان تنجح الحكومة فيه كما نتمنى ان يجتازه المركز الوطني لحقوق الانسان كما اجتازه في السابق بنجاح.. اما نحن فسنظل دائما نراهن على "مجتمعنا" الذي يملك خيارات الفصل في الاداء والرقابة.. وفي اصدار الاحكام ايضا.