









كتب : جميل النمري
المصدر : جريدة الغد
فقدت السيدة أعصابها، وبدأت بالصراخ على موظف يقف مع مجموعة من المراجعين يسألونه كلهم في آن واحد، ولا يستطيع أن يشفي غليل أحد، ومن لحظة لأخرى توقعت أن تصاب السيدة المحترمة متوسطة العمر بنوبة هستيرية، وهي تشتم الانتخابات، لأنها كما يبدو لاحظت أن الكثير من المراجعات أمامها والإرباك والتعطّل والبطء الشديد يتعلق بمعاملات التسجيل للدوائر الانتخابية.
كل بضع دقائق أتعرف إلى أحد المراجعين. فيبدأ على الفور ببثّ شكواه وشرح معاناته، وبعضهم يريد أن أتوسط له، فأستحي أن أبثّ له إحباطي أنا، ويتدخل الشخص الذي يرافقني وبيده معاملات النقل والتسجيل المتعثّرة لإنقاذ الموقف بالاستماع وإعطاء بعض النصائح.
الموقف في دوائر الأحوال المدنية أو الكثير منها، وفق ما رأيت، وما ينقل لي أصبح لا يطاق للجميع؛ مراجعين عاديين ومراجعين للانتخابات وموظفين ومديرين، فهناك تعليمات صارمة لكنها غير واقعية في التطبيق، ما يجعل 90 بالمائة من الحالات في وضع ملتبس يضيع عليها، وفيها وقت وجهد الجميع.
أحد الأصدقاء هاتفني يشكو الإجراءات لغايات نقل الدائرة الانتخابية، فلم أستطع متابعة التفاصيل الكثيرة، فطلبت أن يرسلها لي على شكل نقاط، فكتب التالي "بعد التوجه إلى المحافظة طلب مني ما يلي: 1 -شهادة من المختار تثبت مكان الاقامة 2 -فاتورة ماء 3 -فاتورة كهرباء 4 -عقد إيجار لا تقل مدته عن عام، في حال كان مستأجراً 5 -كتاب موافقة من البلدية: البلدية تطلب للحصول على موافقتها المصادقة على نموذج خاص من الدوائر التالية: أ – دائرة التنظيم والتخطيط، ب-محكمة المفرق الكبرى، ج -دائرة ضريبة الأبنية والأراضي، د-دائرة رخص المهن والحرف والصناعات، هـ- دائرة مديرية الاستثمار، بعد كل ما سبق من خطوات تخاطب المحافظة مديرية الشرطة لغايات الكشف الحسي، وبعد حصولها على الكشف من قبل الجهة الأمنية تخاطب دائرة الاحوال المدنية لغايات نقل الدائرة الانتخابية".
أقول، بكل موضوعية، من الممكن إعادة النظر بالتعليمات لتيسير الأمور مع الاحتفاظ الصارم بالقانون الذي ينصّ على أن حق الانتخاب متاح إمّا في مكان السكن والإقامة أو في الدائرة الأصلية إذا كان الناخب أو أصوله من أبنائها.
وسأضرب مثالا واحدا، فإن اسم العائلة الذي يدلّ على البلد الأصلي لا يكفي، ويجب إثبات أنّ ولادة الأب أو الجد هي في تلك الدائرة، لكن يصدف أن الأب ولد في مكان آخر فمن كان جدّه عسكريا أو موظفا يصدف أنّ يكون والده ولد في أي مكان في الضفّتين، فلماذا لا تكون هناك مرجعية موحدة مختصّة يقوم الموظف على الحاسوب بالرجوع إليها ليحصل فوراً على جواب حول انتماء تلك الأسرة إلى منطقة معينة، بدلاً من السفر إلى تلك البلدة للحصول على شهادة من المختار؟!
لماذا لا يتمّ توسيع التفويض من أحد أفراد الأسرة المباشرة إلى الأسرة الأوسع بدلاً من ملء الدوائر بالمراجعين الذين يدخلون في متاهة، وغالبا يجدون معيقات تبقيهم لساعات من دون جدوى في الدوائر.
لماذا لا يفرز موظفون متخصصون وبعدد إضافي لقضايا الانتخابات بدلاً من تداخل كل المعاملات بما يزعج كثيرا أصحاب المعاملات العادية. نحن بقوّة مع تطبيق القانون، لكن كما أكّد رئيس الوزراء أول من أمس نريد تسهيل الإجراءات.