دراسات

في وداع دورة استثنائية

التاريخ : 22/09/2015

كتب : جميل النمري، صحيفة الغد

مرجح أن تكون جلسة البرلمان أمس، هي الأخيرة في عمر الدورة الاستثنائية الثانية. وقد أنجزت أبرز مهماتها. وتبقى لدينا دورة أخيرة في عمر مجلس النواب الحالي، سيكون على رأس جدول أعمالها مشروع قانون الانتخاب الجديد الذي قدمته الحكومة؛ إلا إذا أقرت المحكمة الدستورية طعنا بدستورية قانون اللامركزية بالطريقة التي أقر بها أمس، فنعود إلى نقطة الصفر في موضوع اللامركزية.

جلسة أمس كانت مشتركة بين الأعيان والنواب لإقرار بعض القوانين المختلف عليها. ولم يكن الانقسام عموديا بين الطرفين؛ ففاز قرار النواب أحيانا، وقرار الأعيان أحيانا أخرى. وفي التعديلات على قانون اللامركزية، فازت قرارات تقدمية للأعيان، وتحديدا تخصيص "كوتا" للنساء (في الجزء المنتخب بنسبة 10 % من أصل 85 %، وثلث الجزء المعين، أي 5 % من أصل 15 %، فيكون للنساء 15 % من حجم مجالس المحافظات). وبهذا يوجه مجلس الأمة للمجتمع رسالة انحياز للمرأة وحقوقها، تضع وراء ظهرنا حقبة التمنع والنفور والاستخفاف بمطالب النساء وتمكينهن من المشاركة الوازنة وليس الرمزية في الشأن العام.

لكن قرارا آخر فاز في التصويت قد يخلق مشكلة دستورية تقوض القانون كله، وتعيدنا إلى نقطة الصفر. فقد كان النواب أضافوا تعريفا لمجالس المحافظات المنتخبة بأنها ذات شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، آخذين بالاعتبار تفسيرا للمحكمة الدستورية حول اللامركزية إذا كانت تنشأ بقانون أو نظام. إذ يقول قرار المحكمة بأن التشكيلات الإدارية للدولة تنشأ بنظام وفق المادة 120 من الدستور، أما المجالس المحلية على غرار البلديات المنتخبة، وهي ليست جزءا من التشكيلات الإدارية وذات استقلال مالي وإداري، فتنشأ بقانون سندا للمادة 121 من الدستور. وهذا تفسير خلافي أيضا من حيث معنى مجالس المحافظات وضرورة النص على الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري. وحتى البلديات نفسها اختلف تعريفها في قانونها من حين لآخر؛ فلم تكن تعريفات سابقة تنص على "شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري". وقد دافع رئيس مجلس الأعيان بقوة عن قرار شطب التعريف المضاف من النواب، لأن الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري سينصرف إلى المحافظة ككيان على غرار البلدية، وهي ليست كذلك بل جزء أصيل من التقسيمات الإدارية للدولة.

إذا لم يطعن أحد في دستورية القانون كما صدر عن الجلسة المشتركة، فلا أرى سببا لعدم المضي قدما وتصديق القانون من جلالة الملك. ومن الزاوية العملية البحتة، يمكن للمجلس أن يمارس دوره المنصوص عليه في القانون بوجود التعريف أو من دونه. والخشية أن بعض من لا يريدون اللامركزية من الأساس قد دعموا شطب التعريف لخلق مشكلة دستورية أمام القانون. وعلى كل حال، يجب أن يكون هناك جهة تطعن أو تسأل حول دستورية القانون، ولن يفعل مجلسا النواب والأعيان ذلك لأنهما في إجازة. ويبقى الحكومة، ولا أدري لم تفعل ذلك؛ فهي التي قدمت القانون خلوا من التعريف، إلا إذا كان لديها رغبة مضمرة في إطاحة القانون.

إلى أن يتضح مستقبل قانون اللامركزية، فإن أمامنا فقط مشروع قانون الانتخاب الذي سيأخذ كامل حيز النقاش خلال أسابيع الإجازة المقبلة للبرلمان. وهي لن تكون للثرثرة فقط. وعلى الحكومة أن تتابع النقاش جيدا؛ فبعض الأوساط يحمل بقوة على مشروع القانون رغم استقباله بالترحاب من الرأي العام. وأنا من المتحمسين للمشروع، واعتبره من وجهة نظر مجردة، أفضل النظم الانتخابية. لكن يجب إدخال إضافات معينة في بعض المفاصل، ليتمكن من تحقيق أهدافه المتوخاة.
 


العنوان :
الأسم :
البريد الإلكتروني (إختياري) :
التعليق :
الاختبار الأمني :

أدخل الكلمة أعلى في المربع وفي حال صعوبة قرائتها جرب كلمة اخرى
   
يرحب مرصد البرلمان الأردني بآرائكم وتعليقاتكم عل كل ما ينشر على موقعه،
على أن يجري التقيد بقواعد النشر وأخلاقياته المتعارف عليها عالميا.